اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
140345 مشاهدة print word pdf
line-top
الفرقان بين المؤمنين والمنافقين

...............................................................................


أما الذين آمنوا إيمانا مُعَلَّقا فإنهم رجعوا أو تذبذبوا، وهم المنافقون, كان هناك طائفة آمنوا ظاهرا, ولكن لم يطمئنوا بالإيمان, لم يدخل الإيمان في قلوبهم, لم تمتلئ به قلوبهم، بل قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ؛ فلذلك صاروا مذبذبين, قال الله تعالى: الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فكأنهم قالوا: نحن مع المؤمنين في الظاهر، ومع الكفار في الباطن، ثم نحن مع الغالب. إن غلب المؤمنون قلنا: أعطونا من الغنيمة, فإننا معكم، وإن غلب الكفار قلنا: أعطونا, أو لا تعاقبونا, فإننا معكم في الباطن.
فهؤلاء ليسوا بمؤمنين حقا, نفى الله تعالى عنهم الإيمان في قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ أي: ليسوا حقا من المؤمنين، إنما هم من المنافقين الذين يُظْهِرُون الإيمان، ولكنهم لم يطمئنوا به, ففرق كبير بين المؤمنين حقا, وبين المنافقين وبين الكفار.
فالمؤمنون أولا نظروا في آيات الله وفي مخلوقاته فعرفوا أنه هو الإله الحق، فحملهم ذلك على التصديق بأنه لا إله غيره، وأنه هو المعبود وحده، نظروا في الدلالات التي استدل بها على كمال قدرته، قرءوا في القرآن قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وغير ذلك من الآيات، فعرفوا أنها آيات بينات دالة على قدرة الرب تعالى.
ثم ثانيا نظروا في معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم- فرأوا أن معجزاته تدل على صدقه, وعلى صحة ما جاء به.
لو لم تكن فيه آيات مبينة
لكانت بديهته تأتيك بالخبر
لو أنه كما قال فيه عمه أبو طالب:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
ثمال اليتامى عصمة للأرامل
فنظروا فيما وهبه الله تعالى من السمات, ومن المعجزات, ومن الأخلاق, ومن الحكم, ومن الحكمة, ومن الصدق، فعرفوا أنه صادق وأنه لا يطلب مصلحة لنفسه، فجزموا بصحة ما جاء به، وبأن ما جاء به وما دعا إليه، فإنه حَقٌّ وصدق، فحملهم ذلك على أن حققوا الإيمان به، فكانوا بذلك من المؤمنين حقا، لما أنهم امتلأت قلوبهم بالإيمان نتيجة ذلك كثرة أعمالهم كثرة حسناتهم.

line-bottom